تطور الكتابة الآرامية

تطورت الكتابة الآرامية عبر العصور ليتوصل الآراميون لكتابة خاصة بهم في القرن السابع قبل الميلاد بالترتيب الأبجدي. وفي القرن السادس قبل الميلاد صارت “لغة الدبلوماسية” كما هو الحال مع الإنجليزية حالياً إلى أن انثبق منها خطان: حضارة سوريا الداخلية الآرامية التدمرية والسورية القديمة والآرامية السريانية.
حتى باتت اللغة الآرامية هي اللغة المهيمنة والمستخدمة في التعامل المشترك بين العديد من الدول في سوريا والعراق ولبنان وفلسطين والأردن واليونان ومصر وإيران وحتى الهند، في الفترة الممتدة بين 600 و200 قبل الميلاد، حيث كانت لغة عابرة للحدود وتعتبر لغة التخاطب الأولى التي تجمع بين الناس في عدد كبير من المقاطعات والبلاد المختلفة في مناطق شاسعة، فكانت بمثابة المفتاح للتواصل خارج القرية الواحدة وعلامة على الرقي لدى الكثيرين.
الأدب والفن في اللغة الآرامية
وُجدت نصوص تذكارية تحمل بذورا أدبية بسيطة متجذرة في التراث الشعبي القديم، ومنها: “عسى أن ترضع مئة شاة حَمَلا، فلا يشبع. عسى أن ترضع مئة بقرة عِجْلا، فلا يشبع. عسى أن ترضع مئة امرأة طِفلا، فلا يشبع”، وهي من النقوش المحفورة في تل الفخيرية، قرب الحسكة، أو “ليصُبّ (الإله) هَدَد كل ضُروب الشرّ في الأرض والسماوات وكل ما هو عمل (سيئ)؛ وليمطر (مملكة) أرفاد بحجارة البَرَد” وهي من معاهدة السفيرة، قرب حلب.
واتخذ الأدب في اللغة الآرامية شكلاً تربوياً يهدف إلى تثقيف أبناء النخبة والكَتَبة والمقربين من البلاط. ومن أهم الكتب التي كتبت هي كتاب “أحيقار”، وهي قصة لقمان المذكورة في القرآن الكريم، إضافة إلى عملان آخران مهمان بالآرامية، هما سِفرا “دانيال” و”عزرا” من العهد القديم، المكتوبان بلغة رفيعة بلاغيا، غنية بالمجازات والاستعارات.
المناطق التي تتحدث بها
ما زالت اللغة الآرامية هي لغة التداول اليومي في الشرق الأوسط خاصة بين معتنقي الديانة المسيحية من أتباع الكنائس المسيحية السريانية في سوريا وخاصة في بلدات معلولا وجبعدين وبخعا، والعراق وفلسطين ولبنان وتركيا وإيران، إضافة إلى ولاية ميشيغان في الولايات المتحدة الأمريكية بسبب الهجرة الكثيفة للناطقين باللغة الآرامية من السوريين والعراقيين إلى مدينة ديترويت، وفي السويد وألمانيا وهولندا.
ويستخدم سكان معلولة المسيحيون اللغة الآرامية في الترانيم الدينية داخل الكنيسة وفي حياتهم اليومية، ويسعى أبناء البلدة للحفاظ على هذه اللغة وتعليمها عبر افتتاح مراكز لتعليم اللغة الآرامية.
https://www.youtube.com/watch?v=p1hi4vnyFE8
خطر الانقراض
نادراً ما تجد الآن من يتحدث اللغة الآرامية، وبالرغم من محاولات الحفاظ على هذه اللغة إلا أن خبراء اللغة يرجحون أنها ستنقرض خلال القرن القادم، حيث أن عدد الشبان الصغار الذين يتعلمون الآرامية كلغة أم في تناقص. والآن لا يتحدث بالآرامية إلا ما يُقارب نصف مليون شخص فقط.


